نساء سعوديات معلّقات لسنوات يصفن أنواع العذاب والحرمان المادي والعاطفي والجسدي، فمنهن من علّقت قضيتها في المحاكم، ومنهن من علقت في منزل زوج هجرها. قصص حقيقية في المجتمع تعاني منها نساء لا يستطعن مواصلة حياتهن لأنهن لسن زوجات ولا مطلقات. في هذا التحقيق تفتح «لها» ملف المعلقات وتسرد قصصاً واقعية لصاحباتها.
عائشة العتيبي في العقد الثالث من عمرها، تنتظر منذ ست سنوات الإفراج عنها بورقة طلاق. تقول: «أعيش حرماناً مادياً وعاطفياً وجسدياً منذ سنوات والآتي أعظم. فانا غير موظفة حتى أعيل نفسي وطفلي ابن الستة أعوام، والضمان الاجتماعي لا يشملني لأني غير مطلقة ولا أرملة. لذاأعيش على حسنات الآخرين».
وتبدأ عائشة بسرد قصتها: « تزوجت من ابن عمي وأنا في الثالثة والعشرين. والواقع اني كنت مجبرة على الزواج منه. وبعد مرور شهر على زواجي كان حملي بابني عبدالله... لم أطق العيش مع زوجي الذي كانت ظروفه المادية سيئة. وعند اقتراب موعد الولادة طلبت الذهاب الى أهلي للإنجاب ولم يمانع. بعد انتهاء فترة الأربعين طلبت الطلاق منه ولكنه رفض. تحدث معه والدي وأخوتي بعد إصراري على رفض العيش معه ولكنه رفض الطلاق».
ناضلت عائشة لكسب لقمة العيش لإعالة طفلها وعملت خياطة في المنزل، وبعد مرور سنة ذهبت الى المحكمة لطلب الطلاق. استدعي الزوج الذي ذهب الى الجلسة ولكنه رفض الطلاق. عيّنت المحكمة جلسة ثانية، الا ان الزوج رفض حضورها.
وبعد مرور سنتين لم تفقد عائشة الأمل... «ذهبت الى المحكمة مرة أخرى بعد مرور ثلاث سنوات من رحيلي عنه مطالبة بالطلاق للمرة الثانية، على أساس أن زوجي لا يصرف على ابنه وأنا من يعمل لأعالته، اضافة الى رغبتي في الزواج مرة أخرى. نظرت المحكمة في قضيتي للمرة الثانية وتم استدعاؤه ولم يحضر. وقد توصلت المحكمة إلى مقر عمله ومع ذلك لم يحضر» . وتضيف بألم: «إذا لم ينصفنا القضاء ويعفنا عن الرذيلة من سيحفظ لنا كرامتنا».
أما مها عبدالله ( ٣٤ عاماً) التي كانت أوفر حظاً من عائشة اذ كان الموت رحمة لها... تقول «تزوجت قبل 12عاماً وكنت فرحة بزواجي من شاب ميسور مادياً. كان يغرقني بالهدايا، ولكن لم أعلم أن هذه هي بداية معاناتي. وبعد إنجابي لإبني تركي بدأت تنجلي الأمور، حيث كان مدمن مخدرات، وبدأت حالته تسوء».
لجأت مها الى والده فأدخله مستشفى «الأمل» ولمدة ستة أشهر، وخرج منه ليعود الى المخدرات. ادخل مرة أخرى للمستشفى وخرج في مدة وجيزة أيضاً ولكن لم يستطع الفرار من الإدمان. «وبلغ به الأمر انه سرق كل الهدايا التي جلبها لي ليوفر لنفسه متطلبات ادمانه. لم أتحمل ما وصل إليه فذهبت إلى منزل والدي وأخبرته فطالب والدي بطلاقي بناء على رغبتي في الانفصال عنه، ولكنه رفض. وادخل للمرة الثالثة للمستشفى وكان عنده أمل في انه بعد العلاج سوف أعود إليه. لجأت الى والده الذي كان له كلمة مسموعة عند ابنه، ولكن لم ينجح في حل المشكلة. لذا لجأت الى المحكمة، وبين مد وجزر مع القضاء لمدة ثلاثة أعوام رحم الله عباده حيث اخذ أمانته وتحولت من معلقة إلى أرملة».
أما هند عويد (٣٦ عاماً) المعلقة منذ ثماني سنوات والأم لأربعة أطفال فتروي قصتها قائلة: «كان زوجي ذا سلوك شاذ منذ البداية، ولكن كانت والدتي تدعوني الى التحمل والصبر هي قوتي اليومي حتى نفذ الصبر. لم أتحمل تصرفاته ولا سلوكه فطلبت الطلاق منه ولكنه رفض»، وبعدها أخذت بناتها الأربع الى ذويها لتعيش معهم خصوصاً انها موظفة وتعيل أطفالها. غير انها لم تكتفِ بذلك بل كانت تريد حريتها والانتهاء من زواجها كليا. «رفعت شكوى الى المحكمة التي استدعته ولكنه لم يستجب لمدة عامين. وعند ذهابه الى المحكمة طلب استرداد ما دفعه من مقدم صداق وتكاليف الزواج، فلم أتأخر عن ذلك بل قدمتها بكل لهفة ظناً مني أنها النهاية، ولكن للأسف كانت البداية لمطامعه وأهوائه. وعندما ذهبنا الى الجلسة الثانية كان الشرط الثاني أخذ بناتي الأربع، فرفضت الطلاق».