طلاق الغفلة والحقوق المضيعة
هل يعقل أن يكون الحكم الصادر بحق رجل ثبت أنه عاشر طليقته خمسة أشهر كاملة دون إعلامها بإصداره صكا لطلاقه منها سجن خمسة أيام فقط؟! هل يعقل أن تكون عقوبة جريمة انتهاك قدسية عقد الزواج، والإقدام على خداع الزوجة مع سبق الإصرار والترصد والتلاعب بعرضها، بهذا التهاون واللامبالاة بمن يطلق عليها في ثقافتنا الدرة المصونة والجوهرة المكنونة؟! وهل عروض النساء بهذا الرخص والهوان والاستهتار بالحق العام والخاص على حد سواء؟!
يقول الخبر المنشور في صحيفة "الوطن" الاثنين الماضي إن "قاضي الجزئية الذي نظر في قضية زوج عاشر زوجته خمسة أشهر دون إعلامها بالطلاق، أكد مطابقة ما ذكرته الزوجة في دعواها بالصكوك المرفقة بالدعوة، وأكد مخالفة الزوج لما ثبت من الرجعة وتحقق الضرر على الزوجة"! رغم ما سبق فيا دار ما دخلك شر، ولا تعويض، ولا عقاب رادع ولا من يحزنزن ! وكلها خمسة أيام لا طلعت ولا نزلت، وتعهد من الزوج بعدم العودة لما بدر منه من استخفاف بأحكام الشريعة! ولا يخلو الأمر طبعا من وعظ وإرشاد، ومطالبة بتقوى الله ومخافته، ثم تشرع للزوج المتجاوز الأبواب من جديد لتكرار الأمر، وكان الزوج في القضية السابقة قد كرر الأمر فعليا من قبل في صك طلاق آخر استخرجه بعد مضي تاريخ الطلقة بمدة زمنية طويلة! فمن أمن العقوبة لا بد أن يسيء الأدب، ويتمادى في الاستهتار بقدسية الميثاق الغليظ، فالبشر تحكمهم أولا وأخيرا القوانين الرادعة والعقوبات المشددة، وتقوى الله ومخافته لن تستيقظ في ضمير سادر في غيه وظلمه وغفوته، بموعظة أو بأخذ تعهد بعدم تكرار الفعلة، أو بخمسة أيام بين القضبان مع إغفال الدعوى العامة التي قدمتها الزوجة!
حكاية أخرى نشرتها صحيفة "إيلاف" الإلكترونية - مع التأكيد على احتفاظها بكافة المستندات الثبوتية- عن زوج استمر في معاشرة زوجته لمدة ثلاث سنوات كاملة بعد الطلاق، بينما الزوجة المسكينة تشرب من كأس الغفلة والتغييب الكامل عن قرار مصيري كالطلاق؛ يتم ويحدث وهي آخر من يعلم ويعرف به، ثم تستمر في معاشرة رجل لم يعد زوجا لها، قد تنجب منه أطفالا لا أعرف تحت أي تصنيف يوضعون؟! تبادر المحاكم في هذه الحالات عادة بفسخ عقد الزواج وتجريم الزوج، ولكن يبقى باب الظلم مشرعا في ظل عدم وجود قانون صريح وعقوبة رادعة؟ يتحدث خبر إيلاف أيضا عن وجود إحصائيات تتحدث عن أن ساحات القضاء في السعودية تشهد قضايا عدة ضحاياها زوجات طلقن دون علمهن، ولم يستلمن صك الطلاق، ليستمر أزواجهن في معاشرتهن!
لا بد من استحداث قوانين تلزم الرجل بإعلام طليقته بطلاقه منها عبر المحكمة، لتأخذ إجراءات الطلاق مجراها، وتمكّن المرأة المطلقة من الحقوق المترتبة على ما بعد الطلاق، ثم اعتماد عقوبات رادعة ومشددة في حال مخالفة الرجل المطلق للقوانين! ولا زلنا في انتظار مشروع تطوير القضاء، وتنصيص قانون للأحوال الشخصية يحمي النساء من الظلم والتعدي على الحقوق، وأتمنى ألا يطول انتظارنا!
هل هذه هي الرجولة ؟؟؟ هل هذه وصية الرسول الكريم بالقوارير ؟؟؟ وين القيم والمبادئ ووين الاخلاق اذا انعدمت تقوى الله في القلب ؟؟؟؟